#صوت_اللؤلؤة | تحليل: ضرب سوريا .. وسقوط حكام الخليج – بقلم الحر الموسوي

970925_227537730732626_314215282_n

هل ستضرب أميركا سوريا؟

وأين وكيف والأهم.. متى؟

وما تأثير الضربة على دول الخليج؟

مع قرع الرئيس الأمريكي طبول الحرب على سوريا بدا الجميع من متابعين ومحللين سياسيين بطرح أفكارهم وتحليلاتهم حول حقيقة الضربة القادمة بين من يشكك فيها وبين من يؤكد، وآخر يعتقد أن أمر الضربة محسوم منذ وقت طويل، وإن ما يجري هو تحشيد وتحضير لها.

من جهة أخرى ظهرت على الساحة الكثير من الوجوه الجديدة العسكرية والسياسية التي ملأت الصحف وشبكات التواصل بتصريحاتها حول ضرب سوريا بين مؤيد ومعارض، في حين بدأت كل دولة تستعرض قدراتها الحربية والعسكرية. قد يتصور البعض أن هذه التصريحات مع تحريك بعض القطع العسكرية ما هي إلا حرب نفسية للَضغط على دمشق وحلفائها لتقديم تنازلات، وقد يكون ذلك صحيحا، ولكن من المستبعد أن يكون الهدف الحقيقي لأمريكا، لأن حتى الضربة العسكرية وإسقاط نظام دمشق ليس هدفا مستقلا في ذاته، وإنما هو خطوة لتفتيت محور الممانعة والقضاء عليه. لو سلمنا جدلا بناء على التصور بإمكانية الحل السياسي، ووافقت ايران على ما طرحته عمان ومن ثم فلتمان سيء الذكر الذي طرح على إيران التخلي عن بشار وأخيه، واختيار أي شخصية علوية أخرى، فهل ستنتهي المشكلة؟

إن سيناريو الحرب على سوريا موجود من أول يوم خرج فيه الناس ضد بشار الأسد، وربما تكون الخطة وضعت قبل ذلك بوقت طويل، وإن كل ما يجري منذ ذلك اليوم هو لكسب الوقت، وانتظار الفرصة المؤاتية، ومن دون حرق للمراحل التقليدية للحلول، ومن دون الإخلال بالبروتوكولات الدولية.

قبل عام تقريبا توقعت بفشل التسوية في البحرين وسوريا، وأن الحرب هي الحل الوحيد لمشاكل الشرق الأوسط لتضارب المصالح وحساسية الدور الذي تلعبه سوريا وموقعها الحساس، وموقفها من إسرائيل، كما أن هناك قضايا وأمور خارج نطاق المساومة وسوريا، من أهمها:

للوهلة الأولى يتصور البعض أن ما يجري في سوريا هو جزء من الربيع العربي الذي اجتاح الشرق الأوسط، وأن ما سيجري لا يتجاوز إسقاط النظام كما حصل في تونس وليبيا ومصر، بغض النظر عن انتماء سوريا للدول الممانعة في المنطقة، ولكن يبدو أن ما يجري اليوم هو أكبر بكثير من قضية ربيع عربي أو خريف أمريكي في المنطقة، والأهداف تتجاوز إسقاط نظام بشار الأسد، كما أن الموضوع خرج من هذا الإطار إلى إطار قوى أممية يهدِّد أمنها ومصالحها.

أصبحت قضية سوريا محورية للقوى الإقليمية والدولية، بل أصبحت ساحة لتصفية الحسابات القديمة والحديثة بين أمريكا وحلفائها وروسيا وحلفائها، كما إنها أصبحت ساحة للثأر من الخصوم. بالنسبة إلى روسيا يشكِّل التحالف الأمريكي السعودي ذكرى سيئة تجرّعت منه الهزيمة في أفغانستان، وأدت إلى تفكّك الاتحاد السوفييتي، بالإضافة إلى الخسارة التي منيت بها بسقوط نظام معمر القذافي، ومن هنا يتضح حقيقة فشل بندر في شراء الموقف الروسي، وحماقته التي زادت الطين بلة فيما بعد تلويحه بتخريب الموسم الرياضي في روسيا بالإرهابيين، ولذلك أيضا هدّد بوتين بضرب السعودية، إن السعودية ودول الخليج المتآمرة والمموّلة لكلفة الحرب الباهضة جدًا، حيث يقدر قيمة صاروخ توماهوك بين 150 إلى 200 مليون دولار، ستدفع دول الخليج الثمن غاليا هذه المرة، فبالإضافة إلى كلفة الحرب على سوريا، ستدفع ثمن مؤامرتها ولن تسلم كما في كل مرة، فهذه الدول تعتبر الحلقة الأضعف في هذه المؤامرة، وتشكّل هدفا سهلا وموجعا لسوريا وحلفائها.

إن ما يجري اليوم هو تسويق لضرب سوريا، ومحاولة السيطرة على ردّة الفعل من حلفائها بتسويق فكرة أن الضربة ستكون محدودة، ولا تستهدف إسقاط النظام، وفي الوقت نفسه تعمل على التمهيد لتدويل الضربة وكسب أكبر عدد ممكن من الدول المؤيدة، وفي حال فشل هذا التحشيد هناك خطط أخرى بديلة لشرعنة وتنفيذ الضربة العسكرية خارج مجلس الأمن كاللجوء إلى الناتو وغيرها، ومن المتوقع أن تتجاوز الضربة الحدود السورية لتشمل حزب الله وإيران مع اجتياح برّي من عدة محاور، أهمها المحور الأردني الذي يحتشد على حدوده أكثر من 40000 ألف مقاتل تم تدريبهم من قبل أميركا، ومن جانب آخر ستكون ردة الفعل على الضربة من قبل سوريا وحلفائها على جميع المتآمرين والمشاركين في ضرب سوريا، البعض يعوِّل على تسوية كبرى بين أميركا وروسيا، ولكن كل المعطيات تشير إلى فشل التسويات وارتفاع مؤشر الحرب بين محورين متضادين: المحور الأمريكي العجوز الذي يعيش آخر مغامراته، ومحور ممانع قوي يعيش حالة صعود وسيكون النصر حليفا له.

إن العالم على أبواب حرب شاملة ساخنة، ولكن لا أدري إن كان من سوء الحظ أو من حسنه أن تكون سوريا أرضا لمعركة كسر العظم، وساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية، ولكن أكثر أمر يبدو واضحا أن هذه المغامرة ستكون الأخيرة وخصوصا لدول الخليج، وهي أول من سيسقط ويدفع ثمن مؤامراتها ضد محور الممانعة، وإذا كان بيد أميركا أن تحدِّد وقتا ومكانا لأول صاروخ ستطلقه، فإنه ليس في يدها الصواريخ التي ستنطلق بعدها، وليس في يدها القواعد والعواصم التي ستصلها، وإذا كان في يد أمريكا أن تطلق أول صاروخ فإنه ليس في يدها أن توقف آخر صاروخ سينطلق.

انتهى زمن التسويات وبدء زمن التصفيات.. وانتهى زمن حكام الخليج الذين دفعوا ثمن سقوطهم حين دفعوا ثمن الصواريخ وكلفة الحرب سلفا.

ودمتم بخير

الحر الموسوي
@asmohd2

هذا المنشور نشر في مقالات. حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق